أطلق صندوق النقد العربي بمناسبة اليوم العربي للشمول المالي لعام 2020 المبادئ الارشادية للهوية الرقمية وقواعد إعرف عميلك الالكترونية في الدول العربية بهدف المساهمة في تعميق الحوار القائم على المستوى الإقليمي والعالمي حول أهمية الهوية الرقمية وقواعد إعرف عميلك الالكترونية ودورها في تعزيز الشمول المالي إضافة إلى تقديم خطوات مستقبلية من الممكن أن تتباناها الدول العربية لتعزيز هذا الإطار لديها.
وتمثل عدم كفاية الوصول إلى الخدمات المالية مشكلة تواجه جزءا كبيرا من السكان في جميع أنحاء العالم والمنطقة، ويُمكن زيادة معدلات الوصول للخدمات المالية الرسمية، خصوصاً للفئات المٌهمشة والمرأة والشباب، عن طريق التحول إلى الخدمات المالية الرقمية والنفاذ الرقمي وعن بُعد إلى الخدمات المالية. إدراكاً لهذه الحقيقة، تبنّت السلطات الاشرافية والقائمون على صناعة الخدمات المالية في المنطقة العربية على مدار السنوات الخمس الماضية، سياسات وإجراءات مهمة هدفت إلى معالجة التحديات التي تعيق تعزيز الوصول للتمويل والخدمات المالية.
في هذا السياق، تشير التقديرات إلى أن 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي سيتم رقمنته بحلول عام 2022 بينما يتطلب هذا النمو في المعاملات المالية الرقمية فهماً أفضل لكيفية تحديد هوية الأفراد والتحقق منهم لتعزيز نظام الخدمات المالية الرقمية. هذا، وتتطور تقنيات الهوية الرقمية /ID/ بشكل متسارع، مما يؤدي إلى ظهور مجموعة متنوعة من أنظمة الهوية الرقمية، وبالتالي، فإن التحول الرقمي المستمر للاقتصاد يمثل تحديا كبيرا يتطلب التوازن بين إلحاق العملاء رقمياً وعن بُعد، وبين وضمان الامتثال للقواعد التي تهدف إلى معالجة غسل الأموال وتمويل الإرهاب "قواعد إعرف عميلك والعناية الواجبة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".
ويمكن أن توفر أنظمة الهوية الرقمية إمكانات جديدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة إذا كانت شاملة وجديرة بالثقة. فعند تصميمها بشكل مناسب، يمكن أن تكون أنظمة الهوية الرقمية أكثر أمانًا من الأنظمة التماثلية، مع تدابير حماية بيانات أقوى وأكثر ذكاءً وسهولة في المراقبة، والتي بدورها تقدم ضمانات أفضل لخصوصية البيانات. مع ذلك ، فإن الاستفادة من هذه الفوائد تتطلب إجراءات وقائية هادفة والتزامًا مستمرًا بتحديد التهديدات المحتملة والتخفيف منها. وقد يؤدي عدم وجود مثل هذا التحديد المعتمد رسميًا إلى مساوئ ويُقيض الإندماج المالي لهؤلاء الأفراد.. وفي الوقت نفسه، عدم القدرة على إثبات هوية الشخص بمصداقية لا يعوق الشمول المالي فحسب، بل قد يؤدي إلى الإقصاء السياسي والاجتماعي للفرد. أما في مجال الخدمات المالية، فإن عدم وجود هوية صالحة وموثقة رسميًا يجعل الوصول إلى الخدمات الأساسية ولكن الأكثر أهمية مثل القروض والحسابات المصرفية وأجهزة الصراف الآلي وما إلى ذلك تلعب الحكومات الوطنية دورًا أساسيًا في سن تدابير لتسهيل تسجيل الهوية القانونية لأفراد المجتمع.
وأوضح الصندوق انه مع زيادة الرقمنة يجب على الحكومات الوطنية التركيز الآن على تنفيذ أنظمة تحديد هوية قوية وممكنة رقميا يمكنها زيادة وصول الأفراد إلى الخدمات المالية وتمثيل أكثر شمولية في العالم الرقمي..
لذلك ، يتعين على الدول أن تضع نموذجا إشرافيا موثوقا به لإدخال أنظمة هوية رقمية فعالة.. ومع ذلك، فإن تنفيذ الأنظمة على نطاق وطني له تحدياته الخاصة ، وهي خطر الاستبعاد ، والمخاوف السياسية، والآثار المترتبة على التكلفة، وخصوصية البيانات، والحماية والأمن.
ولمواجهة هذه التحديات، توفر التقنيات المالية الحديثة والمبادرات الإقليمية للمدفوعات العربية، بدائل مكملة للقنوات التقليدية، وتوفر كذلك بوابة أكثر شمولاً وكفاءةً للمدفوعات والتحويلات عبر الحدود لكل من الأفراد والشركات على حد سواء. يصاحب ذلك، التطورات المتسارعة في تقنيات نظم الدفع والبنية التحتية المالية، مثل خدمات المدفوعات الآنية السريعة، يوفر ذلك الفرصة لتقديم منتجات بوسائل أكثر شفافية وبساطة، مستفيدةً من توفر كم كبير من البيانات المتاحة ومعالجة أقل كلفة للمعاملات المالية. ستفتح هذه الحلول الجديدة بنفسها آفاقاً لخدمات جديدة، والأهم من ذلك، هناك فرص لن تتكامل فيما بينها لتقدم حلول شاملة للشمول المالي.
ومن أجل تعزيز الشمول المالي، قد تستخدم المؤسسات المالية نظام اعرف عميلك المتدرج والإلكتروني /tired e-KYC/ للحصول على نظرة ثاقبة لأهداف عملائها واحتياجاتهم وظروفهم أو أن يكونوا مستعدين للبت أن العميل رفض تحديد هذه الأهداف حيث جلبت التطورات في مجال التقنيات المالية الحديثة حلولاً تقنية مختلفة، تُعرف باسم أدوات إعرف عميلك "KYC utilities" التي تعمل كمخزن وحيد لبيانات هوية العميل التي يتم استخدامها لتسهيل عملية KYC. من خلال رقمنة العمليات الخاصة بقواعد إعرف، يمكن تقليص الوقت المطلوب لفحص الهوية والتحقق، ويمكن تقليل تكاليف الامتثال لإجراءات العناية الواجبة، إضافة إلى تحسين جودة وموثوقية بيانات العملاء.
ومن أجل تعزيز إطار تطويرالهوية الرقمية وقواعد إعرف عميلك الالكترونية e-KYC في الدول العربية، تم توزيع استبيان على السلطات التنظيمية والإشرافية في الدول العربية. ويُلاحظ استنادًا إلى نتائج الاستبيان، أن نظُم الهوية الرقمية لا تزال في مراحلها الأولى في معظم الدول العربية، على الرغم من وجود أنظمة للهوية الوطنية صادر عن الحكومات في معظم الدول العربية. ولا تزال معظم الدول العربية تتبع الشكل الملموس لقواعد إعرف عميلك KYC، من خلال التفاعلات المباشرة /أو ما يعادلها/ والوثائق المادية التي تعتبر الأساس لنماذج الحاق العملاء والتحقق منهم. إلا أن دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين تمثلان تجارب رائدة في المنطقة لتطبيق نموذج e-KYC.