ارتبط اسم بطلنا العالمي عبدالله العرياني بالكثير من الإنجازات والأرقام غير المسبوقة في واحدة من الرياضات التقليدية والتراثية التي تحظى بمكانة مرموقة في الإمارات والأمة والعربية، وهي رياضة الرماية التي عرفها صغيرا، وأحرز معها البطولات والألقاب مع الأسوياء، ثم واصل مسيرته معها بعد أن تحول لأصحاب الهمم في أعقاب حادث سير مطلع الالفية الجديدة. ومن أبرز إنجازات وأرقام العرياني هذا الرقم العجيب الذي حققه لأول مرة في مسيرة الرياضة الإماراتية البارالمبية حينما أحرز 3 ميداليات فضية دفعة واحدة في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، كما أنه كان قد حقق من قبل ميدالية ذهبية في منافسات الدورة البارالمبية بلندن
وفي تلك المقابلة يروي العرياني لوكالة أنباء الإمارات "وام" أبرز المحطات في مسيرته، وأهم التحديات التي واجهها، واستعداداته للمشاركة في أولمبياد طوكيو صيف العام المقبل، بالإضافة إلى دوره كمدرب في صناعة وتأهيل أبطال جدد لمواصلة مسيرة الإنجازات للدولة جيلا بعد جيل.
وأكد العرياني في البداية أن أولمبياد طوكيو 2021 هي أولويته الأولى في المرحلة الراهنة، حيث إنه ضمن التأهل لها، ويسعى لصعود منصات التتويج فيها لإضافة إنجاز أولمبي جديد لمسيرته، وأنه سيدخل اعتبارا من الأسبوع المقبل إلى مرحلة جديدة من الاستعداد للمشاركة في بطولة العالم بالعين شهر مارس المقبل، والتي تحظى بمشاركة عدد كبير من أبطال العالم والمصنفين على المستوى الدولي.
واشار إلى أنه يعتبر بطولة العالم في العين محطة مهمة من محطات الاستعداد لخوض منافسات الاولمبياد، ويتوقع أن تكون هناك تغييرات كبيرة في المشهد الدولي وتصنيفات الرماه بعد جائحة كورونا، ومستجدات كثيرة عما كانت قبل كورونا، خصوصا بعد فترة التوقف الدولي الطويلة، والتي سيصاحبها ظهور أسماء جديدة، واختفاء أسماء من النجوم المعروفين.
وقال العرياني: "نجحت في تحقيق ذهبية دورة الألعاب البارالمبية في لندن 2012 في بندقية الـ 50 مترا 60 طلقة، ثم 3 فضيات في دورة الألعاب البارالمبية بريو دي جانيرو في فئات 50 مترا 60 طلقة بندقية، وفئة الـ 3 أوضاع الواقف والراقد والمرتكز 120 طلقة، وفئة الـ 60 طلقة وقوفا لمسافة 10 أمتار، وانتظر أولمبياد طوكيو التي أتوقع ان تكون المنافسة فيها أصعب، وأن يكون لعنصر الخبرة فيها الكلمة العليا في حسم المواجهات، وبالنسبة لي فقد ضمنت التأهل لأولمبياد طوكيو في بطولة العالم بكوريا الجنوبية 2018، وكنت أول متأهل على المستوى العربي حينما حصلت على ميداليتين ذهبيتين بها".
وعن تصنيفه الدولي يقول العرياني: "هناك أرقام مسجلة باسمي على المستوى العالمي من خلال مشاركاتي وإنجازاتي سواء في دورة الألعاب البارالمبية، او بطولات العالم، وأفخر بأنني صاحب اعلى رقم عالمي في فئة الـ 3 أوضاع، واعتبارا من عام 2015 وحتى الآن أحافظ على اسمي بين الخمسة الأوائل في العالم في عدد المسابقات والبطولات التي أشارك فيها، وعدد مرات حصولي على المركز الأول والميدالية الفضية، حيث انني كنت أحقق في كل بطولة بين ميدالية أو ميداليتين، وفي إجمالي العام كنت احرز ما بين 6 أو 7 ميداليات، وهذا لا يأتي من فراغ لان المنافسة قوية للغاية في الرماية، ومتغيرة من عام لآخر لاسيما انها رياضة حساسة وتتأثر بأي متغيرات".
وعن قصته مع الرماية كيف بدأت وكيف تطور ليصبح بطلا عالميا أوضح العرياني: "حب الرماية متأصل في قبيلتنا بالعين أبا عن جد، ونتوارثه جيلا بعد جيل، ومنذ صغري أمارس هذه الرياضة، وقمت بصقل مهاراتي في الرماية عندما التحقت بالكلية العسكرية /أكاديمية زايد/، ثم كنت من أوائل من انضموا إلى فريق أبوظبي عند تأسيسه في عام 1993، وشاركت على مستوى الأسوياء، وحققت إنجازات على المستويات الخليجية والعربية، قبل أن اتعرض لحادث سير في 2001، خضعت للعلاج بعده لمدة 3 سنوات، ولكني لم أفقد الأمل، فتحولت لتمثيل الدولة مع أصحاب الهمم، وفي 2006 بدأت في تأسيس اللعبة بنادي الرماية بالعين، وشاركت في أول مسابقة في شهر نوفمبر 2006 ببطولة آسيا وفزت بالمركز الأول فيها، فكانت نقطة تحول مهمة في مسيرتي".
وعن تجربة التحول الرياضي من المشاركة مع الأسوياء إلى المشاركة مع أصحاب الهمم في البطولات، وكيف يتمسك الرياضي بأحلامه وطموحاته يقول العرياني: "كان طموحي من البداية حينما كنت أشارك مع الأسوياء أن أمثل الدولة وأحصد البطولات على كل المستويات العربية والقارية والعالمية، وفي منتصف الطريق بعد أن حققت الصدارة العربية، حدثت الإصابة، وتحولت إلى المشاركة مع أصحاب الهمم، ولم أشعر باليأس برغم خضوعي لعدة جراحات كبيرة وابتعادي عن الرياضة لمدة 3 سنوات، بل على العكس يوما بعد يوم كان إصراري يزيد، وكان القرار بالانضمام لأصحاب الهمم، وكان حماسي أكبر في تحقيق الألقاب، وأشد مما كان عليه حينما كنت مع الأسوياء لأنني كنت أبحث عن إثبات ذاتي، والتأكيد على أن أصحاب الهمم يملكون القدرة والإرادة والعزيمة على تحقيق الإنجازات لبلادهم، ورفع علم الدولة في كل المحافل، ومن خبرتي أقول إنه عندما تتوفر الإرادة فلا شيء اسمه مستحيل، مهما كانت التحديات التي تواجه الإنسان، ولن تكون تلك التحديات أصعب من التي واجهتني في مرحلة التحول من الأسوياء إلى أصحاب الهمم".
وحول كيفية الجمع بين العمل كمدرب ومشاركته كلاعب دولي أيضا يقول العرياني: "تعلمت من تجربتي العسكرية في مقتبل عمري كيف انظم وقتي، فأنا ضابط متقاعد من العسكرية بعد حادث السير، وبرغم تقاعدي إلا أنني ما زلت أعرف قيمة كل دقيقة في عمر الانسان، وبالتالي ليست لدي مشكلة في الجمع بين المدرب واللاعب، لأنني عندما أشارك كلاعب أكلف مساعدي بالقيام بدور المدرب، وأقول إن القيام بدور المدرب له انعكاسات إيجابية على اللاعب، حيث انه يلتزم بالأساسيات التي يعلمها ويدرب لاعبيه عليها، ويسعى دائما الى ان يقدم لهم القدوة والنموذج في كل مشاركة".
وعن مستقبله وطموحاته مع الرماية يقول بطلنا الأولمبي عبد الله العرياني: "رغم وصولي إلى سن الخمسين، إلا أن طموحاتي ما زالت بلا حدود، لأننا تعلمنا من قادتنا في الإمارات أنه لا مجال للمستحيل، وأقرب طموح لي هو ذهبية دورة الألعاب البارالمبية في طوكيو 2021، ثم مواصلة تمثيل الدولة في كل البطولات ما دمت أرى الأهداف التي أصوب عليها، فلعبة الرماية يمكنك ان تشارك بها حتى سن الـ 70 عاما، والمعيار الرئيسي هو الرؤية ومعدل دقة النظر، ومن ضمن اولوياتي أيضا أن أدرب وأؤهل لاعبين قادرين على تحقيق الإنجازات، ولكن لابد أن نعلم أن صناعة بطل الرماية ليست مهمة سهلة، لأنه لابد من اختياره منذ الصغر، وتوافر مهارات محددة فيه، ثم زرع حب الرماية فيه، وتدريبيه وفقا لأعلى المعايير الدولية".